سورة الأنعام - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{ولو شاء الله ما أشركوا} أَيْ: ولو شاء الله لجعلهم مؤمنين {وما جعلناك عليهم حفيظاً} لم تبعث لتحفظ المشركين من العذاب، إنَّما بُعثت مُبَلِّغاً فلا تهتمَّ لشركهم؛ فإنَّ ذلك لمشيئة الله.
{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله} يعني: أصنامهم ومعبوديهم، وذلك أنَّ المسلمين كانوا يسبُّون أصنام الكفَّار، فنهاهم الله عزَّ وجلَّ عن ذلك لئلا يسبُّوا {الله عدواً بغير علم} أَيْ: ظُلماً بالجهل {كذلك} أَيْ: كما زيَّنا لهؤلاء عبادة الآوثان وطاعة الشَّيطان بالحرمان والخذلان {زينا لكلِّ أمة عملهم} من الخير والشَّرِّ.
{وأقسموا بالله جهد أيمانهم} اجتهدوا في المبالغة في اليمين {لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} وذلك أنَّه لمَّا نزل: {إن نشأ ننزل عليهم...} الآية. أقسم المشركون بالله لئن جاءتهم آية ليؤمننَّ بها، وسأل المسلمون ذلك، وعلم الله سبحانه أنَّهم لا يؤمنون، فأنزل الله هذه الآية. {قل إنما الآيات عند الله} هو القادر على الإتيان بها {وما يشعركم} وما يدريكم إيمانهم، أَيْ: هم لا يؤمنون مع مجيء الآيات إيَّاهم، ثمَّ ابتدأ فقال: {إنها إذا جاءت لا يؤمنون} ومَنْ قرأ {أنَّها} بفتح الألف كانت بمعنى لعلَّها ، ويجوز أن تجعل {لا} زائدة مع فتح أنَّ .
{ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية بتقليب قلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي يجب أن تكونَ عليه فلا يؤمنون {كما لم يؤمنوا به} بالقرآن، أو بمحمَّدٍ عليه السَّلام {أوَّل مرَّة} أتتهم الآيات، مثل انشقاق القمر وغيره {ونذرهم في طغيانهم يعمهون} أخذلهم وأدعهم في ضلالتهم يتمادون.


{ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة} فرأوهم عياناً {وكلمهم الموتى} فشهدوا لك بالصِّدق والنُّبوَّة {وحشرنا عليهم} وجمعنا عليهم {كلَّ شيء} في الدُّنيا {قُبلاً} و{قِبَلاً} أَيْ: مُعاينةً ومُواجهةً {ما كانوا ليؤمنوا} لما سبق لهم من الشَّقاء {إلاَّ أنْ يشاء الله} أن يهديهم {ولكنَّ أكثرهم يجهلون} أنَّهم لو أُوتوا بكلِّ آيةٍ ما آمنوا.
{وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوّاً} كما ابتليناك بهؤلاء القوم كذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ قبلك أعداءً؛ ليعظم ثوابه، والعدوُّ ها هنا يُراد به الجمع، ثمَّ بيَّن مَنْ هم فقال: {شياطين الإِنس} يعني: مردة الإِنس، والشَّيطان: كلُّ متمرِّدٍ عاتٍ من الجنَّ والإِنس {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً} يعني: إنَّ شياطين الجنِّ الذين هم من جند إبليس يوحون إلى كفار الإِنس ومردتهم، فيغرونهم بالمؤمنين، وزخرف القول: باطله الذي زُيِّن ووُشِّي بالكذب، والمعنى أنَّهم يُزيِّنون لهم الأعمال القبيحة غروراً {ولو شاء ربك ما فعلوه} لَمَنع الشَّياطين من الوسوسة للإِنس.
{ولتصغى إليه} ولتميل إلى ذلك الزُّخرف والغرور {أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} قلوب الذين لا يصدِّقون بالبعث {وليرضوه} ليحبُّوه {وليقترفوا} ليعملوا ما هم عاملون.
{أفغير الله} أَيْ: قل لأهل مكَّة: أفغير الله {أبتغي حكماً} قاضياً بيني وبينكم {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب} القرآن {مفصلاً} مُبَيِّناً فيه أمره ونهيه {والذين آتيناهم الكتاب} من اليهود والنَّصارى {يعلمون} أنَّ القرآن {منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين} من الشَّاكين أنَّهم يعلمون ذلك.
{وتمت كلمات ربك} أقضيته وعِداته لأوليائه في أعدائه {صدقاً} فيما وعد {وعدلاً} فيما حكم. والمعنى: صادقةً عادلةً {لا مبدِّل لكلماته} لا مُغيِّر لحكمه، ولا خلف لوعده {وهو السميع} لتضرُّع أوليائه، ولقول أعدائه {العليم} بما في قلوب الفريقين.
{وإن تطع أكثر من في الأرض} يعني: المشركين {يضلوك عن سبيل الله} دين الله الذي رضيه لك، وذلك أنَّهم جادلوه، في أكل الميتة، وقالوا: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربُّكم؟ {إن يتبعون إلاَّ الظن} في تحليل الميتة {وإن هم إلاَّ يخرصون} يكذبون في تحليل ما حرَّمه الله.


{فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} أَيْ: ممَّا ذكِّي على اسم الله {إن كنتم بآياته مؤمنين} تأكيدٌ لاستحلال ما أباحه الشَّرع ثمَّ أبلغَ في إباحة ما ذبح على اسم الله.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12